وَرَحَلتِ
لا أدرِي إلى أينَ اسْتَمَدَّ بِكِ المَدَى
أو كَيفَ
غَيَّبَكِ الرَّحِيلُ.
وَبِلا وَدَاعٍ
هَكَذَا
- كَفُجَاءَةِ المَطَرِ الذِي يَأتِي
خِلافَ تَوَقُّعِ الوِديَانِ
لا بَرقٌ يَشِي بِهُطُولِهِ-
صَادَرتِ حَقِّي فِي الوَدَاعِ
فَصِرتُ مَالاً سَائِبَاً
يَتَنَاهَبُ الشَّجَنُ الألِيمُ
حَشَاشَتِي
وَيَفلُّ كُلَّ شَجَاعَتِي
ليلٌ ذلِيلُ.
تَدرِينَ؟
صُندُوقُ البَرِيدِ مُعَبَّأٌ
بالانْتِظَارٍِ
وَبِالغُبَارِ
أجِيءُ كُلَّ هُنَيهَةٍ
لأَرَاهُ مُكتَئِبَاً
يُشَارِكُنِي عَنَاءَ تَرَقُّبِي
وَيَقُولُ لي :
صَبرٌ جَمِيلُ.
أمشِي
كَأنَّ الأرضَ مِنْ تَحتِي تَمِيدُ
كَأَنَّ ألفَ قِيَامَةٍ
سَتَقُومُ مِنْ وَجَعِي
الذِي شَطَرَ الغِيَابُ نَزِيفَهُ
بَينَ التَّذَكُّرِ وَالتَّرَقٌّبِ
مَنْ يُضَمِّدُ خَوفَهُ
وَهوَ الذِي مَا انْفَكَّ
مِنْ كَمَدٍ يَسِيلُ.
هَذِي مَوَاجِيدِي تَئِنُّ..
نَوَافِذِي مَفتُوحَةٌ
وَأنَا بِهَا أحسُو كُؤُوسَ الانْتِظَارِ
أخُطُّ فِي صَدرِ السَّمَاءِ
قَصِيدَةً
قَدْ تَقرَأينَ أنِينَهَا
إِنْ كُنتِ مِثلِي الآنَ
فِي شَغَفِ النَّوافِذِ
تَقرَأينَ حِكَايَةَ اللَيلِ المُسَافِرِ
فِي شَرَايِينِي،
تَعِبتُ..
فَلَمْ يَعُدْ لِي غَيرُ هَذا السُّهدِ
يَأتِي كُلَّ لَيلٍ
كَانتِظَامِ مَوَاجِعِي
يَتَفَقَّدُ الأجفَانَ
خَشيَةَ أنْ أنَامَ
وَفِي يَدَيهِ لأعيُنِي
كُحْلٌ وَمِيلُ.
كُلُّ السَّوَاقِي
لَمْ يَعُدْ يَجرِي بِهَا
غَيرُ السَّرَابِ
تَبَدَّلَتْ ألوَانُ وَردَتِنَا
التِي كُنَّا رَسَمنَاهَا
مَعَاً
فِي دَفتَرِ الذِّكرَى
التِي مَا عَادَ تَنفَعُ مُؤمِنَاً..
مَا عَادَ يَعرِفُنِي الطَّرِيقُ
إذَا مَشَيتُ عَلِيهِ وَحدِي،
خَلِّصِينِي..
لَمْ تَعُدْ تِلكَ التَّمَائِمُ
مِثلَ سَابِقِ عَهدِهَا
قَدْ أبطَلَتْ مَفعُولَهَا غُصَصِي
وَشَكِّي..
مَا أزَالُ أشبُّ نَارَ تَسَاؤُلِي :
يَا هَلْ تَرَاهُ يَعُودُ لِي
بِكِ ذَلِكَ الزَّمَنُ الجَمِيلُ؟